Pages

May 24, 2011

الروائية الأردنية عفاف البطاينة: اختار الحبّ قبل الدين

حاورتها منى كريم:

في البدء لم أعرف أنها عفاف البطاينة صاحبة رواية "خارج الجسد" التي حققت مبيعات عالية في عام 2005، كما استطاعت إثارة غضب الرقيب العربي في دول عدة. كانت البداية في نقاشات داخل الحرم الجامعي حول أدونيس، محمد أركون والكثير من الأسماء التي تسحبك نحو أسئلة ملونة. مؤسفة سذاجة أي كاتبة عربية قد تحقق نجومية لامعة، لكن مع الروائية عفاف بطاينة هنالك نموذجاً مغاير للكاتبة – المثقفة.


أكثر المقالات التي تحدثت عن روايتك تستعرض كيف تجاوزتِ الثالوث المقدس الجنس – الدين - السلطة. هل بات هذا الثالوث هو المقصود من وراء كل كتابة أو نص؟

لا يمكن الكتابة عن أي موضوع بعمق و تبيين أبعاده الاجتماعية دون التعرض لكل أو واحد من هذه المقدسات لأن الجنس والدين والسلطة تدخل في تفاصيل الحياة اليومية وتفاصيل الفكر والإبداع والحياة. فلا يمكن التعرض لأي قضية بشكل منعزل عن هذه الأمور والقضايا إلى أن يتحول الواقع الاجتماعي إلى واقع مختلف لا يحكم بهذه المقدسات، بالإضافة إلى أن القضايا هي الأكثر إشكالية في الفكر والثقافة العربية، والأكثر أهمية في الحياة العربية. إذن هي الإشكالية والحل الذي يجيء من خلال فصل هذه الإشكالية.


الكثير من الروايات التي تصدر تتناول قضية ظلم المرأة، هل الكتابة فعل حقيقي هنا يستطيع أن يثير فعل تغيير تجاه وضع المرأة الشرقية؟

الفعل الإنساني دائماً يتغير، الكتابة هي فعل ونشاط إنساني يطمح إلى التغيير، قدرة العمل الإبداعي الروائي العربي على التغيير محكومة بتجربة استقبال الفكر والإبداع دون شروط أو قيود ودون توقعات مسبقة، وعلى مستوى القارئ هذا يتطلب التخلي عن الكثير من المعطيات المسبقة التي نفسر من خلالها خبراتنا الحياتية سواء كانت معيشية أم فكرية. و أحياناً لا يكون التغيير هو الهدف الوحيد وإنما تصوير الواقع بقسوته و حقيقته من أجل طرح البدائل. والبدائل عادة أو الهدف منها هو الخروج من الحدود المفروضة على اختياراتنا. وهذا يخرجنا من أحادية التصور أو أحادية الاحتمالات. وبالتالي يصبح هنالك حث على التفكير والتغيير.


حين سألك أحد طلبتكِ من تضعين أولاً: الدين أم الحبّ، أجبتِ: الحبّ، هل في ذلك إشارة إلى ذات رومانتيكية، أم إلى شعار الإنسانية أولاً ومن ثم النصوص المغلقة؟

بالطبع إلى شعار الإنسان أولاً، وحرية الإنسان في تحديد أولوياته. ألا وهي الحبّ فوق الدين، والدين هنا كشيء مقدس، والحبّ كمفهوم سعادة إنسانية داخلية، تعطي للإنسان معنى لوجوده. وبما أنها سعادته، له الحق أن يختار. وهذا بالضرورة قد يجعل شخص آخر يختار الدين أولاَ باعتباره مصدراً لسعادته. السعادة هنا تعريف شخصي.


بما أنكِ أكاديمية تنتهج الفكر العقلاني الذي يشق طريقه نحو أسئلة لا نهائية. هل كان أسلوبك في الرواية يميل إلى عقلية الراوي الذي يحلل ويقترح الحلول؟

عقلية الراوي في الرواية هي عقلية المفكر فيما يراه و يسمعه، والذي لا يتوقف عن التحليل والمقارنة من أجل الوصول إلى أجوبة خالية من التناقضات ولذلك هنالك مساحة للوصف ومساحة للسؤال ومساحة للتحليل ومساحة للنقد ومساحة لعرض الأجوبة، وليس لأجوبة في ذاتها. طبعاً كل من الوصف والسؤال والتحليل والنقد والأجوبة المعروضة قد يكون تابعاً لمنطق العاطفة، أو لمنطق العقل، وكلاهما يحكمان في النهاية بمنطق الإنسان كإنسان لا كرجل أو امرأة، دون أي تصنيفات اجتماعية أو بيولوجية.


هل تعتقدين أن ما يثير الضجة حول كل نص نسوي يعود للهوس الذكوري بالأنثى، أم لأهمية الإنجاز النسوي في حد ذاته؟

عائد لارتباط اسم المرأة بالثقافة، بالإبداع، بالقدرة، بالمساواة، بالرفض، بالثورة، وبالمعارضة. وهذه المصطلحات أو المفاهيم مرتبطة بفكرة تغيير الواقع، المكان، وما هو ممكن. وهذه الاحتمالات الثلاثة تعني تغيير في العمق الاجتماعي والثقافي و السياسي العربي. ونحن مجتمعات وأشخاص (الأغلبية منا) نخاف التغيير، لأنه يجبرنا على التجديد، ونحن لا نريد التجديد. فيما يخص الهوس الذكوري أعتقد أننا تجاوزنا ذلك، هنالك هوس اجتماعي ديني، و لا أراه مرتبطاً بالذكور فقط، لأننا نراه لدى الإناث أيضاً. و لا أراه مرتبطاً بنصٍ نسوي، فلا يوجد نص نسوي، بل هنالك نص إبداعي فقط. فلا علاقة لهذا التصنيف بالنص مما يجعل فكر النص أكثر أهمية وأكثر ارتباطاً بما يدار حول النصوص المكتوبة حول المرأة.


أين تقع المرأة العربية الكاتبة الآن في نصوصها التي تدور حول محور الجنس: البورنوغرافيا أم الإيروتيك؟

لا نستطيع وضع كل النصوص في خانة واحدة، لذا لا أصنف كل النصوص الأنثوية تحت شعار أو عنوان واحد. قد نتعرض لايروتيكية أو الدقة في وصف الجنس. والسؤال الذي يجب أن يطرح: هل الجنس موظف أم لا؟ أي هل يخدم العمل الإبداعي أم أنه مجرد عنصر إثارة لجلب القارئ؟ وإن كان موظفاً فلا فرق بينه و بين أي قضية أخرى.


كيف تقييمين ردود الفعل حول روايتك، هل كانت أغلبها محقونة بالاستنفار أو متحيز بشكل مطلق؟ بمعنى هل كانت هنالك أي قراءة موضوعية؟

بعض المراجعات للرواية و بعض النقد الذي وظف الرواية حاول جاهداً وضع الرواية في سياق ثقافي اجتماعي عربي وبالتالي تناول قضية البطريركية كقاعدة تحاول الرواية تهميشها وبعض المراجعات الأخرى اكتفت برؤية الرواية كقصة لا كعمل إبداعي ذي مكونات متعددة المستويات. قليل من تعرض لأسلوب السرد أو لتعددية الأفكار المطروحة أو المستويات المختلفة للغة الموظفة في الرواية، و هذا جزء من قصور النقد العربي الذي ينظر للرواية على أنها عنصر تسلية وليس كعمل إبداعي فكري.


أجري الحوار في 2006 ونشر في جريدة أوان الكويتية

2 comments:

  1. عفاف البطاينة كاتبة أدبية رائعة
    و الحق يقال , أوافقها الرأي و بعمق فحن بأشة الحاجة للحب

    ReplyDelete
  2. رامي أنيس إيرانيNovember 3, 2013 at 2:53 PM

    لم يكن هناك داع للمبالغة في جلد الذات لا يعقل ان جميع أهل القرية سيئون ولا يعقل ان الذكور في بلادنا أشرار الى أن يظهر ستيوارت الملاك تذكرت فيلم لاست ساموراي السخيف لولا ألغربي لما نجح اهل الساموراي ليس من المعقول ان يكون كل شيء خارج الوطن أجمل منه في الوطن وليس من المعقول ان لا تجد بطلة القصة " منى " القيم هنا وتجدها فقط عند ستيوارت ...لعبت الكاتبة كل أوراقها لترينا القسوة والشر والجهل والتعصب هنا ثم تطرب بطل القصة لأن نباح الكلب في اسكتلندا كان جميلا ...رويدا في جلد الذات يا كتابنا

    ReplyDelete