Mar 26, 2018

قصة قصيرة: قلق جغرافي


mohsen rastani

كان البرد يتسرسب من النافذة الخلفية لغرفة التلفاز. وكانت أوتوكو تجلس إلى جانب صديق العائلة يتبادلان ملخص السنوات الأخيرة. يسجلان التغيرات والتحولات ويختلقان المصالحات أو يبديان الاعتراضات الأليفة. بالرغم من أنهما ينحدران من المكان ذاته، إلا أنهما لم يلتقيا سوى في مناطق ثالثة. أما ساكامي التي انتقلت حديثاً مع والدها البيولوجي إلى شقة في شارع فاندبرلت، فاستمرت في انشغالها بتجهيز المشاريب: حليب بالقرفة، ومرة شاي بالزنجبيل، أو عصير جزر. هكذا توزع طاقتها المشعة في المكان وتتفادى الجلوس الساكن

وحينما بدأ الصمت يحل للحظات، بادر صديق العائلة بالحديث.

"هل هذه ريح فبراير تدوي في الخارج محدثة هذا الرنين؟ ولمن تقرع هذه الأجراس؟"

كان الولد في بداية رجولته. التقى بها للمرة الأولى برفقة والدته قبل سنتين من وفاتها. ويبدو أن هذه الحقيقة تضفي غيمة على اللقاء، فلا هو عارف كيف يتحدث مع البنت، ولا هو قادر على إهمال الحوار برمته.

ابتسمت أوتوكو وهي تستعد لشرح محيط الضوضاء الذي تعيش فيه. كثيراً ما ظنت أن نومها الخفيف صار جثة هامدة بعد انتقالها إلى المدينة أو لربما نتيجة مواظبتها على التدخين الليلي. كانت قد شكلت خريطة صوتية في دماغها، وتخيلت باباً خشبياً عليه إكليل صناعي ويطل على باحة مهملة، فلم تستبعد احتمال أن تكون هذه الأجراس في بيت مهجور. يقال أن الرنين يطرد الأرواح الشريرة عن البيت، لكن المراد أن يطرح الأجساد قبل الأرواح

"زينة تافهة على باب أحدهم".