Sep 21, 2016

منى كريم لـ"المدن": بالشِّعر أتغلّب على سادية المكان

- نبدأ من ديوانك الأخير، "ما أنام من أجله اليوم"، أصدرته بعد 12 عاماً من ديوانك الثاني، لماذا هذا الصمت الطويل، ومتى كُتبت هذه القصائد؟
كتابة الأدب في سن مبكرة مسألة شائكة. حتى أن فكرة هجران الشعر بحد ذاتها تصبح مغرية. يبدو أن موقف الشعراء من الشعر محمل بمشاعر الذنب والكراهية وكأنها لعنة يرغب الواحد في التخلص أو الشفاء منها. أنظر مثلاً إلى رامبو الذي نتحدث عنه بحالة من الاعجاب والتقديس لأنه كتب الشعر صغيراً وتعافى منه في أول شبابه. بعد نشر ديواني الثاني، "غياب بأصابع مبتورة"، بسنوات قليلة، لم يعد أمر الكتابة والنشر والتواصل مع القارئ أو الآخرين في الوسط الأدبي شيئاً مهماً أو مغرياً، بل بالأحرى بات منفراً. مجهد فعلاً أن تعيش طفلاً أو مراهقاً في وسط أدبي ذكوري مشحون بالأمراض وفارغ تقريباً من الأفكار. تصبح العزلة أفضل الخيارات وأكثرها أريحية. ولم أشعر بأن العودة مهمة إلا بعدما خلخلت الثورات العربية حالة السبات ونبهتني أن عليّ استعادة لغتي (الأدب) التي من دونها لن أقترب من خلاصي الذاتي. طوال فترة الصمت هذه، كنت أكتب القصائد بشكل متقطع، وحتى الآن لا أعرف كتابة الشعر بشكل دوري. لكن ديواني الجديد يحمل أحدث القصائد والتي أجد أن جمالياتها تمثل أسلوبي الحالي مع بعض القصائد القديمة في نهاية الديوان التي فكرت أن القارئ قد يحب العبور بها. 

- من خلال قراءة الديوان نشعر أنّ هنالك محاولة محو للأنا وتبديله بأنوات أخرى، هذا غير القصائد التي رسمتِ فيها بورتريهات أو سمّيتها مباشرة "منى كريم"، أو كقولك "أريد أن أكون من مونتريال/ حيث الجميع أجانب"، تقولين أيضاً أن المكان سادي ويملك المفتاح، فهل هي كتابة عن المكان بقدر ما هي كتابة عن الأنا، أو ربما هما أمر واحد؟
بالتأكيد سؤال المكان يشغلني دائماً وأحاول تجاوزه من خلال حالة تبدل الأنا المستمرة هذه. في المجموعة الجديدة أردت أن أؤسس لنفسي ممارسة ذاتية في كتابة الشعر بامكانها أن تمتد إلى كتابات مستقبلية. أخاف أن يغلب سؤال المكان على كل ملامح ذاتي ويقلصها إلى كائن أحادي البُعد. في قصيدة "لست أنا"، مثلاً، كتبت أهم رغباتي في اعادة تشكيل الذات المحتقنة- الذات لا تجد لها جذوراً في المكان، المهمشة المرفوضة التي لا يريد أحد أن يرى تعدديتها وتعقيداتها. ومن ثم في نهاية المجموعة وضعت قصيدة "منى كريم"، التي أكتب فيها ببساطة أن الشعر في النهاية ليس أقل من رحلة شخصية لإعادة تشكيل الذات. هكذا يُمكّنني الشعر من التغلب على سادية المكان سواء بالعبور تجاوزاً أو بالتصارع المنهك أحياناً. 

Sep 8, 2016

فنانة قطرية تستقصي موت المستقبل في خواء المولات

في 2008، سجلت الأمريكوقطرية صوفيا الماريا (1983) حضورها في عالم الفن بمفهوم سمته «المستقبلية الخليجية» الذي تمزج فيه الجماليات المعاصرة للخيال العلمي بالمستقبلية الفاشية لمارنيتي وأعوانه. وتستمر الماريا في توسيع هذا المنظور لتفكيك التطور الإشكالي الذي عاشته منطقة الخليج منذ ولادة الدولة الحديثة. 
هذا الصيف، افتتحت الماريا عملها الجديد «جمعة سوداء» في متحف ويتني في نيويورك ليكون بذلك أول معرض فردي لها في الولايات المتحدة. عاشت صوفيا (أو صافية) بين واشنطن والدوحة وكانت قد تناولت حياتها المتنقلة هذه في سيرتها الذاتية «الفتاة التي سقطت إلى الأرض» والتي كتبتها بالإنكليزية ثم تمت ترجمتها إلى العربية. 
بمشروعها الذي امتد طوال الثماني سنوات الأخيرة، أصبحت الماريا من الأصوات النادرة في منطقة الخليج ممن يكرسون نصوصهم للتنظير حول واقع الرأسمالية والعنف والرجعية الدينية والتكنولوجيا كوسيط يحل مكان المعاش اليومي. درست الماريا الأدب المقارن في الجامعة الأمريكية في القاهرة، ثم حصلت على ماجستير في الفنون من لندن. تنعكس خلفيتها الدراسية هذه في مجمل مشروعها الفني فهي تتكئ على نصوص لبودريار وبالارد وغي ديبور من جهة، بينما تستعين من جهة أخرى بكتاب «جواهر القرآن» للغزالي أو حتى «كتاب الموت أو عالم البرزخ» لماهر أحمد الصوفي. كما تجد في مدونة مهجورة لها على الـblogspot بعض مقاطع الفيديو من شوارع الدوحة كأمثلة على جماليات السرعة والتكنولوجيا التي تضعها محل المساءلة.