Jun 26, 2011

الأسباب الخفية لصداعي

أتساءل: ما الذي يسبب لي الصداع في مؤخرة رأسي؟ هل هو النيكوتين الأناني، قلة شرب الماء، قلة النوم، شاشة الكمبيوتر، الأحرف الصغيرة، أم أنت؟

لو افترضنا فقط بأنني أعرف ما هي المساحة التي أخُذها من المكان، حيزي الذي منه أستطيع أن أنطلق وأرسم الخطوط بين الأشياء لأخلق الأشكال وأتزين بها. لو افترضنا فقط ..

حاولت كثيراً أن أتعامل مع حياتي بواقعية سحرية، لأن الواقعية جارحة، ولأن السحر أكثر طفولية مني. حاولت أيضاً أن أسير مع القطيع، وأن أتخلص من ذكائي ومن قبحي المميز. حاولت أن أتوهم – بمساعدة من صديقتي – وأنسى جملة أخماتوفا التي قالت فيها: "كم من المؤلم يا حبيبي أن يعلم القلب بأننا لمفترقان قريباً .. قريباً".. حاولت لكن المحاولات سخرت مني..

جربت لعبة التكرار في النص لأراها تقليدية، جربت الاستعارة والكناية وكانتا باهتتين. جربت أن أترك حياتي لمحرك غوغل ليرسمها، جربت أن أمثل أمامك بأنني مرآتك، صورة منك، أن أقتلك لكنني لشدة سمرتك لا أراك. جربت أن لا أكتب هذا النص السخيف الركيك، وكان أقل سخفاً وركاكة مني فخضعت.

المكان لا يريد أن يلتهمني، أنا لا أعرف كيف ألتهم المكان .. المكان لا يطلق سراحي، أنا متشبثة به.. دائرة سادية لا تمنحني البداية ولا النهاية، وأنت تشاهد ولا تفهم، على الرغم من أن نفضة واحدة منك بامكانها أن تحل معادلتي والدائرة.

الدائرة - يا أجمل ما في النيكوتين – أصعب من أن أتراها، تفهمها، تلمسها، تعرفها، فدائرتك كانت مجهزة لك حين ولدت ببدايتها ونهايتها وألوانها الزاهية، إلا أن دائرتي بلا ملامح، سلمها جدي لنا مشوهة بحماقته وعنتريته وجبن جدتي ورأسها المطأطئة. الدائرة خاصتنا غير صالحة للاستعمال البشري، دائرة البرانيون/ المولودون خارج رحم الحياة.

لذلك أحاول أن أخلق منك دائرة جديدة علّني أدخل – بالتهريب – إلى الحياة عبر دفع حساب شايك الأخضر، وحّل واجباتك، والتحدث بالنيابة عنك، وترتيب أوراقك، ودفعك إلى الابتسام، وحمل ولاعة إحتياط لك، وتوبيخك على لبسك الخفيف في الشتاء، ولبسك المثير في الصيف..

كلها محاولات فاشلة، محاولات تسخر مني لأن المفتاح بكل بساطة بيد المكان، المكان السادي، المكان المستحيل المركز الهامش الذي نسي أن يضعني في صرته حين دخل – بالتهريب – إلى الحياة!


* نشرت في كيكا مايو 2009

1 comment: