بعدما انتقلتُ للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، عملتُ باحثة تحت إشراف المفكر والباحث الكيني الراحل علي مزروعي. في تلك المرحلة من حياته، كان مزروعي قد يأس من الأحلام العروبية والأفريقية معًا ، ليتبنى هوية إسلامية فضفاضة بدلًا عنها. لكن في عام 1992، كان مزروعي قد قدم المقترح التالي: «درس الفرنسيون ذات مرة علاقتهم الخاصة بأفريقيا وتوصلوا إلى مفهوم (أوروأفريقيا) Eurafrica كأساس لتعاون ذي طبيعة خاصة. في المقابل، علينا دراسة العلاقة الخاصة، الأقدم تاريخيًا، بين أفريقيا والعالم العربي لنطلق عليها (أفرابيا Afrabia).»
وجدت في مقترح مزروعي دعوة طموحة وملحة، لأدرس في بحثي الأكاديمي الأدب العربي الحديث لتقديم قراءة لعلاقات العرق والهوية في المنطقة حيث يشكل تاريخ العبودية والأفرو-عرب جزءًا كبيرًا من تاريخها. قد يسمح مقترح (أفرابيا) للأفارقة بإعادة النظر في تاريخ الإمبراطورية الإسلامية الطويل في أفريقيا، وتقاطعاته اللاحقة مع المشروعات الاستعمارية التي جعلت من العرب والجنوب-آسيويين أسيادًا في أفريقيا، فضلًا عن تاريخنا المشترك في النضال ضد الاستعمار وطموحاتنا المتقاطعة ضد الرأسمالية. أما بالنسبة للعرب، فإن (أفرابيا) تأتي كدعوة ضرورية لمراجعة طال انتظارها للتاريخ واللغة والآداب والفنون التي تتعامل مع أفريقيا والسود والأفرو-عرب من منظور رجعي وعنصري.
في مارس الماضي، نظم «بيت الرواية» المنشأ حديثًا في تونس مؤتمره السنوي الثاني للرواية العربية. واتخذ المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام عنوان «قضايا البشرة السوداء» مدفوعًا بـ «الوعي السياسي للجماهير الشابة في جميع أنحاء العالم العربي» وبحضور عشرات الروائيين والنقاد العرب. استغربت عنوان المؤتمر وتساءلت كيف وصل المنظمون لهذا الوصف غير المألوف، بدلًا من عنوان مثل «قضايا السود» أو «قضايا الأفرو-عرب»، إلا أن الصياغة لم تأت من فراغ.