Sep 4, 2022

Perdition (trans and intro by Sara ElKamel)

Roses take their own life
above the rim of my bed
as my mother
tries to tuck me into the desert of life

*

In the courtyard of my soul
is a small devil;
a newborn

*

Another ship
asphyxiates
the ocean’s larynx

*

The moon spills a cloud
into the sky’s breast

*

Ideas drown in a spasm
and the poem lays crucified
over the notepad’s knees

*

The night is strangled
by a choker of stars

*

A tear
attempts martyrdom
out of my eye’s abyss

NOTES ON THIS POEM

Running through Mona Kareem’s three Arabic collections of poetry is an undeniable solitude, captured in portrait after portrait of the poet herself, of nameless cities, and of women protagonists who seem to have been forsaken by the world. Presented in a remarkably lyric voice, Kareem’s work holds up mirrors – of varying degrees of lucidity – to the many selves, as well as the bodies, of her subjects. The images that we see reflected strike a memorable balance between the visible and the conceptual, the tangible and the surreal.

The poems I have translated from What I Sleep For Today (Nova Plus Publishing and Distribution, 2016), namely ‘Souvenirs’ and ‘Perdition’, illustrate the poet’s intentional conflation of the body and the world around it – both material and immaterial. Everything becomes a body – has a body – in her poems, even the poem itself. The ocean has an asphyxiating larynx, the speaker’s eye is an abyss, and ‘the poem lays crucified | over the notepad’s knees’.

Written more and a decade earlier, while Kareem was still a teen, the poem ‘Cities Dying Every Day’, from the collection Absence with Amputated Fingers (Dar Sharqiyat, 2004), is a kind of elegy for cities. Like many of her poems, this one presents us with an individual experience in an indifferent, or perhaps even an unkind, city – one that wishes to excavate even our lungs. The speaker here, and recurrently across her oeuvre, seems to be in a state, at once, of terror, and of extreme loneliness; she is abandoned even by autumn.



* Modern Poetry in Translation - Issue no. 2 of  2022

Sep 2, 2022

ثلاث قصائد

أبراكادابرا
 
 
 
ينتابني الخوف أحيانًا
 
أغمض عينيَّ وأبطئ من حركة أنفاسي
 
أذكِّر نفسي بالكلمتين السحريتين:
"الآن + هنا"
الآن: اليوم الخميس ١٠ مارس
هنا: شقتي في بوسطن
 
 
أبدأ بعدّ محتويات جسدي:
رأس، عينين، كتفين،
بطن ذي مرتفع خافت،
فخذين، ساقين، أصابع غريبة الأطوال
 
كل شيء سليم وفي مكانه
 
 
أتفحص المكان من حولي:
المرنطية ترفع يديها ببطء
باتجاه القمر، تزيح جزءًا من ياقتها
إلى اليمين، وتضرب باليد الأخرى
على صدرها
تمامًا كما تفعل جدتي
وهي تغوي قمر بن هاشم
 
 
أحدق في السجادة المليئة بالمثلثات
أتابع كيف يترابط الواحد بالآخر
أو بالآخرين. لكل مثلث
عدة مثلثات مجاورة. لكل منهم
ضلع نبت من جسد الآخر وسيموت معه.
أتيه في عالمهم الغريب
أتخيل أني أسير في شارع مثلثي
ذات مساء جميل وهادئ
لا أركز في تفاصيل ما أرتديه
أو أسجل الألوان
 
مشهد بالكاد تتحدد خطوطه
لكن رأسي يظهر فيه
 
 
وعلى الرغم من أني أتبختر
على الأرجح قاصدة مكانًا يبعث فيَّ السعادة
فإن الخوف لا يزال معي
في جيب بنطلوني الذي لا أعرف لونه
يخرج منه مثل جني
 
 
مرة يستحيل رجلًا يخيفني بكلمتين
فأرد عليه بكلمات أكبر وألسع
تجعل منه محط سخرية المثلثات
التي بكركراتها فقط يهدأ روعي
 
 
ومرة يستحيل وحشًا
أقتله بعشرين طلقة
أو أكون قد نسيت مسدسي
فأكر عنقه بأظافري
أو أكون قد قصقصتها صباحًا
فأقطعه بأسناني
تنغرس في جسده
كالأشواك
 
 
مرات أصل منهكة
إلى الشارع المثلثي
أتجاهل الرجل كثير الكلام
وإن رأيت الوحش
أتحرك بخطوات ثابتة
إلى الناصية الأخرى
 
 
لو لم أقرر الآن عد المثلثات
كنت سأعد مكعبات الأرضية في المتجر
ولتخيلت ظهور مخلوقات أخرى
تتوعدني وتدفعني لأن أكون العنقاء تارة
والغول تارة أخرى
 
 
كثيرًا ما أنجح في إنقاذ نفسي
أركض أركض أركض
إلى نهاية العالم
أو أقف بشجاعة
لأخلص عليهم بدم بارد
 
 
دائمًا ما ينتهي المشهد على ذات المنوال:
جسدي يتصبب عرقًا
ودمائهم لا أثر لها
في مسرح الجريمة



الكلمات لا تأتي


الكلمات لم تعد تأتي، بنفسي صرت أذهب إليها. أتصل بها، أشاهد صورها على الإنستغرام، أنثر قلب حب بعد ولادة كل منها بثوانٍ. المنشورات والميمات التي تشاركها لم تعد تحمل رسائل مشفرة لي. لست قارئها المفضل، قارئها الأمثل، قارئها الشبيه. بطّلت تـ@ني في فيديو ضاحك، رقصة ممتازة، أو نص ثوري. أتفرج كيف تقضي أيامها من دوني، تذهب في تمشية صباحية تبعدها أكثر عني، أحيانًا تقطع المسافة على دراجة، أو يأخذها شخص جديد بسيارته إلى الميناء - على الأرجح روائي متعسر. 


هو أيضًا ستهجره، مزاجية وخلقها ضيق. إن لم تصمد مع شاعرة نثر، كيف لها أن تتحمل العيش مع تسع شخصيات من ثلاثة أجيال تتوزع في قارات أربع بين حربين وعلى وشك الثالثة؟ سينتهي به الأمر معي في ذات النفق. ثم ستستبدله بكاتب تجريبي يمزج بين جنيس وآخر. تجعله يشعر بأنه خاص جدًّا، بل استثنائي، حب حياتها الأول والأخير، ستعطيه كتب كيليطو وتسهر معه الليالي تحدثه كيف أن العرب اخترعوا الجنس لا المؤلف، وأن المؤلف هرطقة غربية، أن المؤلف لا بد من أن يموت، بأجناسه بتجريبه، كله على بعضه يموت. ستتركه عالقًا بين الأنواع، مفشوخًا بين نص مدوَّر وآخر مقطَّع، وسنضطر أنا والروائي إلى إنزاله عن الصليب.


تتكدس قلوب حبي في عمود جانبي على شاشتها، تنز فوق بعضها، يتداخل الأحمر بالأحمر، يصبغ إبهامها حين تلامسه بالخطأ. تنزعج أحيانًا من كثرة قلوبي، بكل قسوة تفرغ الحُجرات من أي أثر لها، تأخذ وسادتها التي تحججت بها لتفادي قضاء الليل معي. كم حاولتُ إغلاق الصمامات لتظل حبيسة. احتجَّت بمشهد درامي، بل وهددت بإلقاء نفسها من على الشرفة الثانية لـ "التاجي". قطَّعت شراييني، الوغدة المتوحشة، حتى النبض جعلته يسري تائهًا إلى صفحات الغرباء. 


أرسل إليها قصيدة أو أغنية أعجبتني وذكرتني بها. أقرأ كلمات الأغنية بأذني أولًا، ثم أبحث عنها على غوغل أو في تعليقات يوتيوب لأقرأها كسطور. أحرص على أن تكون الأغنية خاصة بها، عنها، عنا، عن المفقود، الممكن. أحيانًا ترد، بتملل، كمن يبحث عن نهاية. كل الترجي في أغنياتي الشرقية لا يرف فيها جفنًا. الدخلة الموسيقية - التي هي سجادة الأغنية – تقطعها في لحظة. حتى الموال، ذاك الحجر الذي يحرك جوف البحيرة، تثب فوقه في خطوة. الوجع الذي يصعد سلالم الروح ويسري إلى أنامل العوَّاد، الكمنجاتي الذي سلَّم رقبته إلى مقصلة الفراق، عازف القانون وهو يداعب الفراشات التي نبتت ليلة البارحة في بطن عاشق غرير. كلهم تتصفحهم في كوبليه أو اثنين قبل أن تغلق النافذة أمام فم المطربة المشرع. 


تُشعرني بالحرج، بالثقل. أقترح أن نلتقي، أقدم دعوتي بصوت هادئ، في حال رفضت – كالعادة – يكون باستطاعتي تقبل جفاءها بروح رياضية. كانت حين تأتي تقضي أيامًا عندي، تأكل وتدخن وتصنع فوضى فيها أغلب ذكرياتنا. كانت تحضر في الأفراح والوداعات، وبشكل أقل في الجنازات، وفي الأسابيع الأولى من كل حب. رغم أنها تغار من عشاقي الجدد، إلا أنها تعلم أنهم طارئون. 



والهة


عند المدخل، وقفت امرأة لوط وقد سخطها الفنان إلى شكل أقسى مما فعل الرب. لم يحافظ على جسدِها الملحي، بل رممها بالبرونز لتظل حبيسة الأزلية. ليس بإمكانها زيارة جيرانها لتخبرهم عن زوارها الجدد، حتى عتبة الغاليري لا يمكن لها تجاوزها. ساكنة محنطة، تسمعُ الحوارات العابرة وترصدُ الوجوه بعينين فارغتين من التشويق. تمر من أمامِها أجناس شتى كل يوم: جن وإنس وملائكة وأنبياء. كانت في حياة سابقة تتلّوى إن اضطرت إلى الحفاظ على حكايا الغرباء في بطنها، تدور في الحي، تستَفرغها واحدةً تلو الأخرى. 

الآن لم تعد تشكلُ خطرًا على الأسرار. الآن، تدفعُ والهة ثمن حنينها السريع، ثمن شغفها بالماضي، الذي اضطرها إلى إلقاء نظرة أخيرة على سَدُوم. في نظرة، بالكاد سجلت ألوان حياتها، بالكاد حبست رائحة الصباح قبل أن تضيع مع الجغرافيا، بالكاد ابتلعت لغةً ستنتهي أحلامها بانتفائها. في النقطة الحدودية، ليس مسموحًا للمهاجر أن يشغل نفسه بأي شيء سوى اللحظة الراهنة. قالوا إنها بالتفاتتها فضحت هوية الرب. أو أنها في أعماقها آمنت بأن سدوم بريئة، بأن سدوم لا تستحق أن تدك هكذا حد الرماد. 

ربما لو انتظرت والهة الوصول إلى الكهف قبل أن تترك للحنين أن يغمرها، لذهبت قصة الكونية في اتجاه آخر تمامًا. بل ربما انتهت في ذاك الكهف واسترحنا. لمَ لم يتفهم الرب أنها أرادت فقط ما يكفي لكتابة قصيدة أطلال؟ هل لأن الطلل حصر على الرجال؟ 

صغيرة تبدو فوق المكعب، رأسُها كما جنين لا موهبة له في الصراخ. جردها الفنانُ من ذراعيها ورجليها. لربما خاف الفنانُ أن تهرب امرأة لوط من الغاليري وتعود مرة أخرى إلى العالم السفلي. 




Sep 1, 2022

Three Poems

Abracadabra  


Fear sometimes washes over me


I close my eyes and slow down my breathing


I remind myself of the magic words:

Now + Here

Now: It is Thursday, March 10

Here: My Boston apartment


I begin by counting the contents of my body:

One head, two eyes, two shoulders,

A slightly elevated belly,

Two thighs, two legs, and fingers of peculiar length


Everything is intact, and in its place


I inspect the space around me:

The prayer plant slowly lifts her hands

Toward the moon, shifts her collar

To the right, lays the other hand

On her chest

Mimicking my grandmother’s seduction of God

In her night prayers


I stare into the triangle-strewn carpet

I trace how each triangle intertwines with another

Each triangle

Has several neighboring triangles. Each of them

Has a rib that grew from someone else’s body, and with which they will die.

Arriving in their strange world

I imagine walking through a triangular street

On a beautiful, quiet evening

Paying no attention to the details of my outfit

Or to the colors that materialize


The scene’s contours are obscure

But in it, my head appears


And although I am strutting,

Probably towards a place that will revive my happiness,

The fear is still with me

In the pocket of my pants (What color are they?)

Sticking its head out like a genie


One time, the fear takes the shape of a man who startles me with a couple of words

So I respond with larger, sharper words

Which makes him a laughingstock for the triangles,

Whose roars calm me down


And another time, the fear is a monster

I slay with twenty bullets

Or, I would have forgotten my shotgun

So I prick his neck with my nails

Or, I would have clipped them in the morning

So I pull him apart with my teeth

Which drill into his body

Like thorns


Sometimes I arrive exhausted

At the triangular street

I ignore the garrulous man

And when I see the monster

I take steady strides

Toward the opposite corner


Even if I hadn’t decided to count these triangles right now

I would have been counting cubes on the supermarket floor,

And I would have imagined the emergence of other creatures

Which threaten me, and drive me to become sometimes a phoenix,

Sometimes a ghoul


I often manage to save myself

I run, I run, I run

To the end of the world

Or, I stand there bravely

To finish them off in cold blood

 

The scene always ends on the same note:

My body is drenched in sweat

And there’s no sign of their blood

At the crime scene




Words Don’t Come Easy


The Word no longer comes to me; I now go to her myself. I call her, I flip through her Instagram photos, hurling hearts seconds after the arrival of each one. The posts and memes she shares no longer carry encrypted messages aimed at me. I am no longer her favorite reader, her ideal reader, her like-minded reader. She has stopped mentioning me in a funny video, an exceptional dance, or a revolutionary text. I observe the ways she spends her days without me. She goes on a morning walk that further distances her from me; she sometimes bikes, or is driven to the port in a new person’s car—most likely a struggling novelist.


Him too she will leave—she is moody and irritable. If she could not make it last with a prose poet, how will she ever stand to live with nine characters from three different generations, spread out across four continents, between two wars, about to become three? He will end up in the same boat as me. She will then replace him for an experimental writer, who blends one subgenre with another. She will make him feel very special—exceptional even—the first and last love of her life; she will give him Kilito’s books, and stay up all night positing that it was Arabs who invented genre, and not the author, and that anyway, the author is a Western heresy, and that the author must die, together with his genres—sub or not—and his experimentation—they must all die. She will leave him swinging between genres, torn between prose blocks and verse, and the novelist and I will end up having to take him down from the cross.


My hearts stack up in a column on the side of her screen, bleeding into one another, red seeping into red, staining her thumb. Sometimes, disturbed by my onslaught of hearts, she callously empties my heart chambers of any trace of her, removing even her pillow, which she often used as an excuse to avoid spending the night with me. O, how I’ve tried to fasten my valves to keep her captive. She fought back dramatically, and threatened to fling herself off my coronary. She slit my veins, that savage bitch; even my pulse she let wander like a stray into the pages of strangers.


I send her a poem, or a song I enjoyed, and that made me think of her. I read the lyrics with my ears first, before I search for them on Google or in YouTube comments, to read them in verse. I make sure the song could only be about her, about us, about what has been lost—what’s possible. Sometimes she responds, aridly, like someone looking for an ending. She bats no eye at all the pleading in my Arabic songs. She skips the musical interlude—the song’s carpeting—in an instant. Even the Mawwal—that stone that moves lake beds—she walks right over. The sorrow that climbs the soul’s stairs and into the oud player’s fingertips, the violinist who surrenders his neck to the guillotine of separation, the qanun player caressing the butterflies that sprouted, just last night, in the belly of a new lover: she leafs through them all in one or two verses, before slamming the window shut on the singer’s gaping mouth.


She humiliates me, weighs me down. I suggest meeting; I offer my invitation calmly, so that when she turns me down—as usual—I would receive her aloofness with sportsmanship. When she spent her days with me, she would eat and smoke and wage chaos where most of our memories still live. She would always show up to weddings and farewells—occasionally to funerals—and in the first few weeks of every love affair. She may be jealous of my new lovers, but she also knows they are disposable.

 


Lot’s Wife


Lot’s wife stands near the entrance, deformed more radically by the artist than she had ever been by the Lord. The artist didn’t preserve her salty body; instead, he restored her in bronze, crafting a prisoner of eternity. She can’t visit the neighbors to gossip about her new visitors; she can’t even cross the gallery’s threshold. Mummified and silent, she overhears fleeting conversations, surveils countenances with incurious eyes. People of various races— jinn, humans, and angels—walk past her daily. In a past life, she squirmed if she had to carry strangers’ stories in her belly—she would wander the neighborhood, disgorging one tale after another.


She is no longer a threat to secrets. Now, Lot’s wife pays the price for her fleeting nostalgia, her passion for the past, which compelled her to take one last look at Sodom. Looking back, she barely managed to archive the colors of her life, barely captured the morning’s scent before it went missing, together with geography. She barely swallowed the language whose extinction would turn her dreams obsolete. At the border checkpoint, a migrant is not allowed to occupy herself with anything but the present moment. It has been said that in turning back, she had compromised the identity of the Lord. Or that in her gut, she believed Sodom innocent, wrongly battered to dust.


Perhaps if Lot’s wife had waited until she got to the cave before letting nostalgia overwhelm her, the plot of cosmology would have gone in an entirely different direction. In fact, it might have ended in that cave, and left us in peace. Why couldn’t the Lord understand that all she wanted was to write a poem about ruins? Is it because men have a sole claim to ruin?


She looks tiny on the plinth; her head like a newborn with no talent for wailing. The artist has stripped Lot’s wife of her limbs. Perhaps he feared she would escape the gallery, and travel back to the underworld.


translated from the Arabic by Sara Elkamel

Asymptote